ارتفاع أسعار المنازل يدفع العديد من السعوديين والمقيمين لطرح سؤال صعب: هل لا يزال تملّك المنزل أمرًا ممكنًا؟
مع ذلك، فإن مسألة القدرة على تحمّل تكاليف السكن تُعدّ مصدر قلق حقيقي سواء للمواطنين أو الأجانب الراغبين في الانتقال إلى مراكز الأعمال الحيوية. وهو قلق مشروع، إذ إن أسعار العقارات تشهد ارتفاعًا، لا سيّما في المدن الكبرى. لكن هذا لا يعني أن امتلاك منزل أصبح مستحيلًا.
فلنلقِ نظرة أقرب على ما يحدث بالفعل، وما هي الخيارات المتاحة أمام من يشترون لأول مرة.
ما الذي يدفع الأسعار إلى الارتفاع؟
لنبدأ من الأساسيات.
السكان في المملكة العربية السعودية في تزايد سريع. ففي عام 2025، تجاوز عدد السكان 36 مليون نسمة، مع تدفّق المزيد من الناس إلى المدن الكبرى مثل الرياض.
زيادة عدد السكان تعني زيادة في الطلب على السكن. لكن هذا الطلب لا يُقابَل دائمًا بعرض كافٍ.
كما أن هناك نقصًا في الأراضي السكنية بأسعار معقولة داخل مراكز المدن. وعند جمع ذلك مع ارتفاع تكاليف البناء نتيجة التضخّم العالمي وتأخّر سلاسل الإمداد، تكون النتيجة واضحة: ارتفاع في الأسعار.
ففي الربع الأول من عام 2025، بلغ متوسط سعر المنزل في الرياض نحو 1.2 مليون ريال سعودي، بزيادة نسبتها 11٪ على أساس سنوي. أما في جدة، فقد ارتفعت الأسعار بنسبة 8.5٪، بحسب الهيئة العامة للعقار في السعودية.
ليس من المستغرب أن يشعر المشترون من الجيل الشاب بالضغوط.
الحكومة تتدخل
لحسن الحظ، لم تقف الحكومة موقف المتفرّج. فمن خلال برامج مثل “سكني” و”وافي” ومبادرات أخرى تحت إشراف وزارة الشؤون البلدية والإسكان، يتم استثمار مليارات الريالات لتحسين القدرة على تملك السكن.
فقط في عام 2024، تم تخصيص أكثر من 80 مليار ريال لبرامج دعم الإسكان.
على سبيل المثال، يساعد برنامج “سكني” المواطنين المؤهلين بالحصول على قروض مدعومة، أو أراضٍ مجانية، أو حتى وحدات سكنية جاهزة. وفي عام 2025، يهدف البرنامج إلى مساعدة 180,000 أسرة جديدة في الحصول على مساكن.
كما تُسهِم برامج دعم التمويل العقاري في مساعدة المشترين على تغطية الدفعة الأولى وتقليل معدلات الفائدة. وأصبح بعض المواطنين قادرين الآن على الحصول على قروض عقارية ثابتة الفائدة تمتد حتى 25 سنة، مما يجعل الأقساط الشهرية أكثر استقرارًا.
فبينما ترتفع الأسعار، فإن الدعم يرتفع كذلك.
مناطق السكن الميسور
ليست كل المنازل الميسورة مخفية تحت شجرة نخيل في الرياض.
فبالنظر خارج العاصمة، تظهر خيارات جذّابة بأسعار مفاجئة.
مدن مثل الخرج، والمجمعة، وحائل تشهد نموًا سريعًا، ولا تزال توفر مساكن بأسعار تقل بنسبة 30٪ إلى 40٪ عن الرياض.
كما تشهد هذه المناطق تحسينات كبيرة في البنية التحتية من مدارس ومستشفيات وطرق سريعة. ويُسهِم التوسع في شبكات النقل العام والطرق في تسهيل التنقّل من وإلى المدن الكبرى، مما يسمح للناس بالعيش بعيدًا دون أن يفقدوا الاتصال بسوق العمل.
وفوق ذلك، بدأ المطورون في تقديم مجمعات سكنية مغلقة، وحدائق، وتقنيات المنزل الذكي حتى في هذه المناطق منخفضة التكلفة. فالسعر المناسب لا يعني التضحية بالجودة.
دور القطاع الخاص
لا تتحرك الحكومة وحدها. فالمطورون من القطاع الخاص يقدّمون حلولًا جديدة ومبتكرة.
أصبحت البيوت مسبقة الصنع أكثر رواجًا، فهي أسرع في البناء، وأقل تكلفة في الصيانة، ويمكن تخصيصها لتناسب أحجام العائلات المختلفة.
كما بدأ الطلب يزداد على الوحدات الصغيرة والفلل المدمجة، خصوصًا بين الشباب والعائلات الصغيرة، حيث توفر جميع الاحتياجات الأساسية ضمن مساحة محدودة.
وتقدّم بعض المشاريع الآن خيارات التملك عن طريق الإيجار، مما يسمح للمشترين ببناء ملكيتهم تدريجيًا أثناء إقامتهم في العقار. كما يعمل المطورون بشكل وثيق مع البنوك لتوفير خطط تمويل مخصصة لذوي الدخل المتوسط.
النتيجة؟ الإبداع يولّد حلولًا ميسورة.
الخلاصة
إذاً، لا يزال تملك المنزل في السعودية ممكنًا في عام 2025. نعم، لكنه قد يبدو مختلفًا عما كان عليه قبل عشر سنوات.
المسألة تتعلق بالتفكير الذكي، واستكشاف أحياء جديدة، والاستفادة من برامج الدعم، والنظر في نماذج سكنية بديلة.
ومع دعم الحكومة، وابتكار القطاع الخاص، وتحسّن خيارات التمويل، لا يزال حلم تملك المنزل في المتناول.
قد يتطلب الأمر بعض التخطيط والصبر.